Get 20M+ Full-Text Papers For Less Than $1.50/day. Start a 14-Day Trial for You or Your Team.

Learn More →

مقدّمة: الأمل والرجاء في الأدب العربيّ

مقدّمة: الأمل والرجاء في الأدب العربيّ ‫تحضر موضوعة الأمل/الرجاء في آداب حضارات العالم، وتبرز بوضوح في الأدب العربيّ، قديمه وحديثه، شعره ونثره، ومع ذلك، فإنّ دراسات قليلة عالجت هذه الموضوعة من قبل. وفي الواقع، تندر الدراسات المرتكزة إلى الموضوعات (thematically-oriented) في حقل دراسات الأدب العربيّ عمومًا، رغم شيوعها في الأدب الإنجليزيّ وغيره من الآداب العالميّة. ويُذكر في هذا السياق كتابٌ قيّم لفرانز روزنتال (Franz Rosenthal) بعنوان ”أحلى من المنى“: الشكوى والأمل في العصر الإسلاميّ الوسيط (‪“Sweeter Than Hope”: Complaint and Hope in Medieval Islam‬)، وهو في قسمين: الأوّل عن ”الشكوى من الزمن“ والثاني عن ”الأمل والأماني.“ ويناقش روزنتال في القسم الثاني الدلالات المرادفة للأمل، وهي الرجاء، والطمع، والحرص، والمنية، والأمنية، ويشرح انعكاسات الأمل والتمنّي في الأدب العربيّ القديم، لا سيّما في الأعمال الوعظيّة والصوفيّة.1 ومع أنّ الشائع في الفكر الإسلاميّ هو الاعتقاد بأفضليّة الزمان الأسبق مطلقًا، عُني روزنتال بنظرة المتصوّفة إلى ”الحاضر“ بصفته لحظةً مهمّة، وإن كان في معظم الأحيان مساحةً للتعبير عن الشكوى. أمّا المستقبل فهو الذي يتحدّد موقف الإنسان منه بالأمل في تجلّياته كافّة، مع خطورة الوقوع في الأوهام والأكاذيب أحيانًا.‬‫تختلف صورة الأمل – حضورًا أو غيابًا – باختلاف الأنواع الأدبيّة، وترتبط عادةً بقصص الفرج بعد الشدّة وحكايات ألف ليلة وليلة، لكنّ النظر في أنواع أدبيّة أخرى (كالرسائل السلطانيّة، والرحلات، والدواوين الشعريّة) يُضيف إلى الخطاب الإسلاميّ عن الأمل. كما تُعَدّ موضوعات الشكوى وذمّ الزمان الواردة في ديوان أبي تمّام ورسائل الهمذانيّ – مثلًا – أنماطًا أدبيّة أو موتيفات ذات صلة. أمّا فلسفة الأمل في الأدب العربيّ الحديث فتجمع بين تربية الأمل على رأي محمود درويش (1941–2008) ”نربّي الأمل،“ وإلزامه على رأي سعد الله ونّوس (1941–1997) ”إنّنا محكومون بالأمل.“‬‫نقدّم في هذا العدد المزدوج الخاصّ من مجلّة المركز تسع دراسات جديدة عن الأمل في مختلف الأنواع الأدبيّة العربيّة، وبرؤًى نقديّة متنوّعة، تتّصل بعدّة مراحل تاريخيّة. ونأمل أن تشكّل هذه المجموعة مخزونًا لآمال العالم العربيّ وتطلّعاته عبر التاريخ، مستعرضةً الخصائص التي يتفرّد بها الأدب العربيّ، والهواجس التي يشترك فيها مع الأسرة البشريّة كلّها. كما نأمل أن تبني هذه الدراسات، المستندة إلى مقاربات مختلفة في عدد من المجالات، إطارًا لدراسات مستقبليّة عن هذه الموضوعة، وغيرها من الموضوعات في الأدب العربيّ.‬‫يعكس الأدب وقائع الناس وتطلّعاتهم. ويُصرَف الكثير من الطاقات الأدبيّة والأدبيّة-النقديّة في حقل الدراسات العربيّة إلى موضوعات الموت والكآبة، وهو ما نجده صادمًا ومحبطًا في آن. فهذا الوجه الواقعيّ للتجربة الإنسانيّة مهمٌّ جدًّا بلا شكّ، لكنّ الوجه الآخر لا يقلّ عنه أهمّيّةً إن لم يَفُقْه، وهو الأمل بحضوره الواقعيّ في حياة الناس. وفي هذه الأيّام، وفيما يترقّب الكثيرون أخبارَ أبرز الأحداث العالميّة، تركّز الشبكات الإخباريّة على النزاعات والأمراض والمجاعات، لذا فإنّ من المهمّ جدًّا لصحّة البشر النفسيّة الجماعيّة الوعي بوجود أخبارٍ أخرى سارّة، تتمثّل بمظاهر – خجولة أو جليّة – من اللطف، والحبّ، والاهتمام، والاستمتاع بهذه الحياة. لطالما كان الأمل منذ العصور القديمة عاطفةً أساسيّة؛ يصعب على الإنسان التحكّم بها فيما تؤثّر في طريقة تفكيره، وإدراكه للأحداث، وسلوكيّاته. لكنّ معظم نظريّات المشاعر الحديثة لا تتضمّن ذكر هذه العاطفة. والأمل أيضًا حالةٌ عقليّة، وطريقةٌ في التفكير، وربّما يكون فضيلة، وبإمكان المرء أن يبنيه ويعزّزه عن طريق الأفعال وردود الأفعال. ولا تغيب حقيقة وجود الأمل في العالم العربيّ الوسيط والحديث عن الأدب، لكنّها تغيب إلى حدّ كبير عن التقييمات الأكاديميّة المعاصرة، ويسعى هذا العدد الخاصّ إلى سدّ هذه الثغرة.‬‫تعالج المقالات المجموعة جوانب مختلفة من الأمل في الأدب العربيّ، وتبيِّن أنّ الأمل يولد غالبًا في أوقات المحن. وتتوزّع زمنيًّا بين الموضوعات القديمة والحديثة، فتدرس ستّ مقالات منها أعمال أدباء وشعراء قدامى، وهم الحارث المحاسبي (ت ‫243‬/857)، وابن قتيبة (ت ‫276‬/889)، وابن أبي الدنيا (ت ‫281‬/894)، والتنوخيّ (ت ‫384‬/994)، وأبو إسحاق الصابي (ت ‫384‬/994)، والدينوريّ (ت بعد ‫400‬/1010)، والخركوشيّ (ت ‫407‬/1016)، والهرويّ الأنصاريّ (ت ‫481‬/1089)، وابن المقرَّب العيونيّ (ت ‫629‬/1232)، وابن الأحمر (ت‫807‬/1404–1405)؛ فيما تدرس ثلاثٌ منها أعمال أدباء وشعراء معاصرين، وهم أبو القاسم الشابّي (1909–1934)، وإبراهيم طوقان (1905–1941)، وريم غنايم (1982–)، ووسام جبران (1970–). وتتوزّع المقالات جغرافيًّا بين بلاد فارس، والعراق، وفلسطين، والخليج العربيّ، ومصر، وتونس. كما يأتي أصحاب المقالات من أنحاء مختلفة من العالم العربيّ: المغرب، ومصر، وفلسطين، والأردن، والإمارات العربيّة المتّحدة، وعُمان. أمّا من جهة الإسهام في الحقل، فتتناول المقالات شعرَ مديح النبيّ محمّد (ص)، والتصوّف، والفرج بعد الشدّة، والطعام في تعبير الرؤيا، ورسائل الشفاعة، والاستعمار في أدب الرحلة، والوطنيّة. وتتوسّل المقالات الأدوات السرديّة، والنصّيّة، والبنيويّة، والنحويّة، والبلاغيّة، والمعجميّة، وما بعد الاستعماريّة. وفي كلٍّ منها، تقدّم تحليلات مفصّلة للنصوص والمجتمعات، وتضيء على الحضور القويّ للأمل في الشرق الأوسط بماضيه وحاضره، وعلى إيجابيّة سكّانه وشجاعتهم.‬علي بن تميمطاهرة قطب الدينبلال الأرفه لي http://www.deepdyve.com/assets/images/DeepDyve-Logo-lg.png Al-Markaz: Majallat al-Dirāsāt al-ʿArabiyya Brill

مقدّمة: الأمل والرجاء في الأدب العربيّ

Al-Markaz: Majallat al-Dirāsāt al-ʿArabiyya , Volume 2 (1-2): 3 – Mar 13, 2023

Loading next page...
 
/lp/brill/WPyET9AyBr
Publisher
Brill
Copyright
Copyright © Koninklijke Brill NV, Leiden, The Netherlands
ISSN
2772-8242
eISSN
2772-8250
DOI
10.1163/27728250-12340019
Publisher site
See Article on Publisher Site

Abstract

‫تحضر موضوعة الأمل/الرجاء في آداب حضارات العالم، وتبرز بوضوح في الأدب العربيّ، قديمه وحديثه، شعره ونثره، ومع ذلك، فإنّ دراسات قليلة عالجت هذه الموضوعة من قبل. وفي الواقع، تندر الدراسات المرتكزة إلى الموضوعات (thematically-oriented) في حقل دراسات الأدب العربيّ عمومًا، رغم شيوعها في الأدب الإنجليزيّ وغيره من الآداب العالميّة. ويُذكر في هذا السياق كتابٌ قيّم لفرانز روزنتال (Franz Rosenthal) بعنوان ”أحلى من المنى“: الشكوى والأمل في العصر الإسلاميّ الوسيط (‪“Sweeter Than Hope”: Complaint and Hope in Medieval Islam‬)، وهو في قسمين: الأوّل عن ”الشكوى من الزمن“ والثاني عن ”الأمل والأماني.“ ويناقش روزنتال في القسم الثاني الدلالات المرادفة للأمل، وهي الرجاء، والطمع، والحرص، والمنية، والأمنية، ويشرح انعكاسات الأمل والتمنّي في الأدب العربيّ القديم، لا سيّما في الأعمال الوعظيّة والصوفيّة.1 ومع أنّ الشائع في الفكر الإسلاميّ هو الاعتقاد بأفضليّة الزمان الأسبق مطلقًا، عُني روزنتال بنظرة المتصوّفة إلى ”الحاضر“ بصفته لحظةً مهمّة، وإن كان في معظم الأحيان مساحةً للتعبير عن الشكوى. أمّا المستقبل فهو الذي يتحدّد موقف الإنسان منه بالأمل في تجلّياته كافّة، مع خطورة الوقوع في الأوهام والأكاذيب أحيانًا.‬‫تختلف صورة الأمل – حضورًا أو غيابًا – باختلاف الأنواع الأدبيّة، وترتبط عادةً بقصص الفرج بعد الشدّة وحكايات ألف ليلة وليلة، لكنّ النظر في أنواع أدبيّة أخرى (كالرسائل السلطانيّة، والرحلات، والدواوين الشعريّة) يُضيف إلى الخطاب الإسلاميّ عن الأمل. كما تُعَدّ موضوعات الشكوى وذمّ الزمان الواردة في ديوان أبي تمّام ورسائل الهمذانيّ – مثلًا – أنماطًا أدبيّة أو موتيفات ذات صلة. أمّا فلسفة الأمل في الأدب العربيّ الحديث فتجمع بين تربية الأمل على رأي محمود درويش (1941–2008) ”نربّي الأمل،“ وإلزامه على رأي سعد الله ونّوس (1941–1997) ”إنّنا محكومون بالأمل.“‬‫نقدّم في هذا العدد المزدوج الخاصّ من مجلّة المركز تسع دراسات جديدة عن الأمل في مختلف الأنواع الأدبيّة العربيّة، وبرؤًى نقديّة متنوّعة، تتّصل بعدّة مراحل تاريخيّة. ونأمل أن تشكّل هذه المجموعة مخزونًا لآمال العالم العربيّ وتطلّعاته عبر التاريخ، مستعرضةً الخصائص التي يتفرّد بها الأدب العربيّ، والهواجس التي يشترك فيها مع الأسرة البشريّة كلّها. كما نأمل أن تبني هذه الدراسات، المستندة إلى مقاربات مختلفة في عدد من المجالات، إطارًا لدراسات مستقبليّة عن هذه الموضوعة، وغيرها من الموضوعات في الأدب العربيّ.‬‫يعكس الأدب وقائع الناس وتطلّعاتهم. ويُصرَف الكثير من الطاقات الأدبيّة والأدبيّة-النقديّة في حقل الدراسات العربيّة إلى موضوعات الموت والكآبة، وهو ما نجده صادمًا ومحبطًا في آن. فهذا الوجه الواقعيّ للتجربة الإنسانيّة مهمٌّ جدًّا بلا شكّ، لكنّ الوجه الآخر لا يقلّ عنه أهمّيّةً إن لم يَفُقْه، وهو الأمل بحضوره الواقعيّ في حياة الناس. وفي هذه الأيّام، وفيما يترقّب الكثيرون أخبارَ أبرز الأحداث العالميّة، تركّز الشبكات الإخباريّة على النزاعات والأمراض والمجاعات، لذا فإنّ من المهمّ جدًّا لصحّة البشر النفسيّة الجماعيّة الوعي بوجود أخبارٍ أخرى سارّة، تتمثّل بمظاهر – خجولة أو جليّة – من اللطف، والحبّ، والاهتمام، والاستمتاع بهذه الحياة. لطالما كان الأمل منذ العصور القديمة عاطفةً أساسيّة؛ يصعب على الإنسان التحكّم بها فيما تؤثّر في طريقة تفكيره، وإدراكه للأحداث، وسلوكيّاته. لكنّ معظم نظريّات المشاعر الحديثة لا تتضمّن ذكر هذه العاطفة. والأمل أيضًا حالةٌ عقليّة، وطريقةٌ في التفكير، وربّما يكون فضيلة، وبإمكان المرء أن يبنيه ويعزّزه عن طريق الأفعال وردود الأفعال. ولا تغيب حقيقة وجود الأمل في العالم العربيّ الوسيط والحديث عن الأدب، لكنّها تغيب إلى حدّ كبير عن التقييمات الأكاديميّة المعاصرة، ويسعى هذا العدد الخاصّ إلى سدّ هذه الثغرة.‬‫تعالج المقالات المجموعة جوانب مختلفة من الأمل في الأدب العربيّ، وتبيِّن أنّ الأمل يولد غالبًا في أوقات المحن. وتتوزّع زمنيًّا بين الموضوعات القديمة والحديثة، فتدرس ستّ مقالات منها أعمال أدباء وشعراء قدامى، وهم الحارث المحاسبي (ت ‫243‬/857)، وابن قتيبة (ت ‫276‬/889)، وابن أبي الدنيا (ت ‫281‬/894)، والتنوخيّ (ت ‫384‬/994)، وأبو إسحاق الصابي (ت ‫384‬/994)، والدينوريّ (ت بعد ‫400‬/1010)، والخركوشيّ (ت ‫407‬/1016)، والهرويّ الأنصاريّ (ت ‫481‬/1089)، وابن المقرَّب العيونيّ (ت ‫629‬/1232)، وابن الأحمر (ت‫807‬/1404–1405)؛ فيما تدرس ثلاثٌ منها أعمال أدباء وشعراء معاصرين، وهم أبو القاسم الشابّي (1909–1934)، وإبراهيم طوقان (1905–1941)، وريم غنايم (1982–)، ووسام جبران (1970–). وتتوزّع المقالات جغرافيًّا بين بلاد فارس، والعراق، وفلسطين، والخليج العربيّ، ومصر، وتونس. كما يأتي أصحاب المقالات من أنحاء مختلفة من العالم العربيّ: المغرب، ومصر، وفلسطين، والأردن، والإمارات العربيّة المتّحدة، وعُمان. أمّا من جهة الإسهام في الحقل، فتتناول المقالات شعرَ مديح النبيّ محمّد (ص)، والتصوّف، والفرج بعد الشدّة، والطعام في تعبير الرؤيا، ورسائل الشفاعة، والاستعمار في أدب الرحلة، والوطنيّة. وتتوسّل المقالات الأدوات السرديّة، والنصّيّة، والبنيويّة، والنحويّة، والبلاغيّة، والمعجميّة، وما بعد الاستعماريّة. وفي كلٍّ منها، تقدّم تحليلات مفصّلة للنصوص والمجتمعات، وتضيء على الحضور القويّ للأمل في الشرق الأوسط بماضيه وحاضره، وعلى إيجابيّة سكّانه وشجاعتهم.‬علي بن تميمطاهرة قطب الدينبلال الأرفه لي

Journal

Al-Markaz: Majallat al-Dirāsāt al-ʿArabiyyaBrill

Published: Mar 13, 2023

There are no references for this article.